top of page
Thamar Albaqami

هندسة الوظائف .. بوصلة الوصول لإستراتيجية ناجحة

لا ريب أن إستراتيجية أي مؤسسة تُشكل حجر الأساس في تحقيق تقدمها ونجاحها؛ لذا فمن نافلة القول أن أفضل الإستراتيجيات تصميمًا وصلابة تفشل بفشل هندسة الوظائف بها ، وهو الأمر الذي قد يغيب عن أذهان الكثير منا بل ومن هم أكثر خبرةً منا، لا سيما في ظل الاعتقاد السائد حول قيادة الاستراتيجيات لكل شيء ابتداءً.

بادِئَ ذِي بَدء، فإن هندسة الوظائف، أو الهياكل الوظيفية تشير إلى إطار الأدوار والمسؤوليات التي تضعها المؤسسات والتي من شأن تصميمها السيء أن يقوّض أكثر الاستراتيجيات قوةً وصلابة، وذلك عندما تفشل هندسة الوظائف، والهيكل التنظيمي وعملياته في دعم الاستراتيجيات. وعلى سبيل المثال؛ قد يكون لدى أي مؤسسة استراتيجية تُعطي الأولوية للابتكار والإبداع، ولكن قد يتم هندسة وتصميم الهياكل الوظيفية عبر إعطاءها الأولوية للامتثال والالتزام بالقواعد والسياسات والإجراءات، الأمر الذي من شأنه أن يؤدي إلى الاختلال والنقص في مسارات الابتكار والإبداع، ومن ثمّ، يعيق قدرة المؤسسة على تحقيق الأهداف الاستراتيجية.

وثمة فشل شائع آخر في هندسة الوظائف، يتمثل في ألا تُحدد الأدوار والمسؤوليات الوظيفية بفاعلية ودقة ووضوح؛ أي عندما تكون الأدوار غامضة. بالطبع؛ سيؤدي ذلك إلى الارتباك، والتداخل في الأدوار مما يُسهم بدوره في نقص المساءلة وضعف الأداء، أو عندما لا يكون الموظفين على دراية كافية بمسؤولياتهم وأدوارهم، ولا يُعاون بعضهم الآخر ويقفون يدًا بيد، فإنه بالضرورة يعني نقصًا في القيادة، والالتزام نحو تحقيق أهداف المؤسسة.

علاوةً على ذلك، فإنه يمكن أن يؤدي فشل هندسة الوظائف إلى نقص في فرص التقدّم الوظيفي للموظفين، أو بعبارة أخرى فعندما لا يتم تحديد الأدوار الوظيفية بشكلٍ جيد، فإنه من الصعب على الموظفين فهم ما يحتاجون إلى القيام به فعليًا داخل مؤسستهم، أو أن يحرزوا تقدمًا في مسيرتهم المهنية؛ الأمر الذي يعني بدوره ضعف أو انعدام وجود مسار واضح للتقدّم الوظيفي، وهو بدوره يصيب الموظفين بالإحباط، وعدم المشاركة، وضعف الاندماج، وصولًا إلى معدلات دوران عالية، وفقدان لأفضل المواهب.

إن من أجل إنجاح هندسة الوظائف، والتي بدورها تسهم في أن تكون دافعًا، ورافعة لنجاح أي استراتيجية لأي مؤسسة، فإنه يجب على المؤسسات اتباع نهج استراتيجي صارم في تصميم أدوار أعضائها، ومسؤولياتهم، وهذا يشمل تحديد مسؤوليات وتوقعات واضحة، ووضع مسارات منهجية في التقدّم الوظيفي، وهياكل مرنة وديناميكية من شأنها أن تمكّن فريقها من المساهمة نحو تحقيق أهدافهم الاستراتيجية بالشكل الأمثل.

كما أنه يمكن للمؤسسات أن تستفيد من استخدام هندسة الوظائف كأداة ذات دور قائد في التمكين الاستراتيجي، وذلك عبر مواءمة الأدوار والمسؤوليات مع الأهداف الاستراتيجية، وهو ما يدفع الموظفين إلى أن يكونوا أكثر تفاعلًا، متحفزين لتحقيق الأهداف الاستراتيجية للمؤسسة. بالإضافة إلى أن تصميم الأدوار، والمسؤوليات التي تدعم الابتكار والإبداع في الفرضية الأولى من شأنه أن يًمكّن تلك المؤسسة من إنشاء ثقافة قائمة على الابتكار في بيئتها وأعمالها، والتي تدفع بدورها للنمو وتحقيق النجاح.

وختامًا، فكما أوضحنا فإنه من المحتمل وبشكلٍ كبير أن تفشل الاستراتيجية عندما تفشل هندسة الوظائف. وبناءً على ذلك، فإنه يجب أن تتخذ كل مؤسسة ملتزمة بتحقيق أهدافها موقفًا حاسمًا، ونهجًا واضحًا في تصميمها لأدوار ومسؤوليات أعضائها وفقًا لأفضل الممارسات والمنهجيات في هندسة الوظائف، وذلك في سبيل أن تتجنب هذا الفشل مبكرًا، وعبر التأكيد على أهمية المواءمة فيما بين هذه الأدوار والمسؤوليات مع الأهداف الاستراتيجية، والتي تتحقق بفعلها، ثم على إثرها توضع مسارات واضحة للتقدّم الوظيفي، ولتعزز من كفاءة كافة أشكال وأنواع الهياكل لا سيما المرنة، والأكثر ديناميكية؛ والتي تجنبها لاحقًا تلك المخاطر التي لا يكاد أن يراها أي أحد بالعين المجردة.

١٨٦ مشاهدة

أحدث منشورات

عرض الكل
Asset 201.png

نساهم بخبرة عميقة في تقديم خدمات الاستشارات الإدارية التي تدعم رحلة التحول

Asset 221.png

نقدم مجموعة من خدمات تقييم المواهب التي تضيف قيمة إلى جميع عمليات المواهب

Asset 211.png

أفضل تجربة تطوير عالمية بفهم محلي، مع شراكات لا مثيل لها مع أفضل المنظمات في العالم

bottom of page