"التغيير يترك أثر نفسي كبير على العقل البشري، إذ يشعر الخائفون بأنه يشكل تهديدًا لهم، لأنه يعني أن الأمور قد تزداد سوءا. بينما يكون مشجعاً للمتفائلين لأنهم يرون أن الأمور قد تتحسن أكثر. أما الواثقون فيجدون في التحدي الذي يحمله التغيير مصدر إلهام لتحسين الأمور وجعلها أفضل"
- كينغ ويتني الابن
في عالم أعمال اليوم، الذي يتسم بالسرعة والتنافسية، يجب على المنظمات التكيّف باستمرار مع التحديات الجديدة، وذلك لتحقيق النمو والتطور. وهذا يتطلب منها الاستعداد لقبول التغيير والاقدام على مخاطر محسوبة في سعيها لتحقيق النجاح. وبالرغم من ذلك، يقاوم الكثير من الأفراد التغيير، ويرجع ذلك غالباً، إلى خشيتهم من المجهول أو بسبب نقص المعرفة المتعلقة بالفوائد التي يمكن أن يجلبها لهم التغيير. ومن هنا تأتي أهمية إدارة التغيير في المنظمة، التي يمكنها المساعدة في اتخاذ خطوات مدروسة لتغيير موقف معين بنجاح وبأقل قدر من الخسائر.
سنتناول في هذه المدونة تعريف إدارة التغيير، وأهميته لمنظمتك، والأسباب الكامنة وراء مقاومة الأفراد للتغيير، وسُبل تحقيق إدارة تغيير ناجحة.
إدارة التغيير: نظرة عامة
إدارة التغيير هي العملية المنهجية لتوجيه الأفراد والفرق والمنظمات من حالتهم الحالية إلى الحالة المستقبلية المرغوب فيها، من خلال عملية انتقال غير متسرعة واتباع أنشطة مختلفة مثل: تحديد الحاجة للتغيير ووضع الخطط وإبلاغ المعنيين وتوفير التدريب وإدارة المقاومة ومراقبة التقدم المحرز وتقييم النتائج.
لماذا يقاوم الأفراد التغيير؟
وفقاً لشركة بروساي (Prosci)، وهي إحدى الشركات الرائدة في مجال إدارة التغيير، فإن مقاومة التغيير لا يعدو كونه إلا رد فعل إنساني طبيعي أكثر من كونه مجرد مشكلة عاطفية، لذلك لفهم الأسباب الكامنة التي تقف وراء مقاومة الموظفين للتغيير، يجب عليك أولاً معرفة جذور هذا الشعور، حتى تتمكن من مساعدتهم على تبني تغييرات هامة خلال مسار حياتهم المهنية. وفيما يلي الأسباب الخمس الرئيسية التي تقف وراء مقاومة الموظفين للتغيير:
عدم الوعي بالأسباب التي تقف وراء التغيير المُخطط له في مكان العمل.
المخاوف المتعلقة بفقدان الوظيفة وعدم اليقين بشأن مستقبلهم أو مستقبل المنظمة.
القلق البالغ من إجراء تغييرات في الأدوار الوظيفية مثل زيادة عبء العمل على الموظفين.
عدم الثقة في الإدارة العليا والقادة التنفيذيين بالمنظمة، نتيجة لتجارب سابقة سيئة أدت إلى تنامي هذا الشعور بعدم الثقة.
استبعاد بعض الموظفين من القرارات المتعلقة بالتغيير مما يجعلهم يشعرون بالتهديد أو الخيانة.
كيف تساعد إدارة التغيير المنظمة؟
يتطور عالم الأعمال باستمرار، ومن المهم أن تكون مستعداً للتغيرات التي قد تؤثر على منظمتك، وهذا ما تفعله إدارة التغيير لك، إذ أنها تتيح لك البقاء على رأس تلك التغيرات، وتجنب خوض المجازفات المفاجئة. إدارة التغيير هي عنصر بالغ الأهمية لتحقيق النجاح في أي مبادرة تغيير تنظيمي، بغض النظر عما إذا كانت مجرد عملية تحديث بسيطة أو مهمة تحويلية كبيرة، لأنها تعزز آليات القدرة على التكيف، مما يسمح للشركات بالاستجابة بفعالية للتغيرات في السوق، وتخفيف المخاطر المتعلقة بالموارد، لضمان تحسين موارد المنظمة واستخدامها بكفاءة، وفهم احتياجات العملاء المتغيرة والتنبؤ بها لتعديل عروض الأعمال حتى تلبي متطلبات العملاء المتطورة، والتنبؤ بالنفقات العامة للمشروعات وخفضها لتحسين ميزانيات المشروعات وجداولها الزمنية، وزيادة ارتباط الموظفين ورضاهم من خلال إشراكهم في عملية التغيير وتوفير الدعم والموارد لهم، وجعل المنظمات أكثر مرونة وانفتاحًا على الابتكار، مما يمكّنها من البقاء في صدارة المنافسة وتحقيق الازدهار في بيئة أعمال اليوم سريعة التغيير. وبالتالي يمكن للمنظمات من خلال تبني التغيير، استخلاص هذه الفوائد وتحقيق النجاح على المدى الطويل.
العناصر الرئيسية لتحقيق إدارة تغيير ناجحة
إدارة التغيير عنصر ضروري لأي منظمة ترغب في أن تظل قادرة على المنافسة وتحقيق النجاح. ولتنفيذ التغيير بفعالية، يجب أن يكون لدى المديرين فهم شامل بالمكونات الرئيسية لإدارة التغيير الفعّال على النحو التالي:
يجب على المديرين إطلاع المعنيين بإجراءات إدارة التغيير وأهميتها.
تطوير استراتيجية الاتصال كعنصر أساسي لإدارة التغيير الناجح.
ضرورة تطبيق أساليب إدارة المقاومة لإدارة الاعتراضات أو تحديات التغيير.
ضرورة وضع إجراءات واضحة المعالم وغير مبهمة لتنفيذ التغيير لتحقيق النتائج المرجوة.
تقديم حوافز للموظفين وتشجيعهم على قبول التغيير وتبنيه.
خلاصة القول، بعد النظر في جميع الحقائق، يمكننا القول بأن عملية إدارة التغيير، هي عملية مهمة يجب على كل المنظمات تنفيذها بدقة للوصول إلى تطور أعمال ناجح. علاوة على ذلك، فإن التغيير عادةً ما يكون من الأشياء التي قد تواجه مقاومة وشيئا يتصدى الجميع له، ولكن إذا تم تنفيذه بمهنية ودقة وإشراف عالي، وبمراعاة جميع العناصر الرئيسية، فإن الأشخاص المسؤولين عنه سيقتربون من الانتقال المطلوب لتحقيق الأهداف وخطط العمل بسهولة أكبر، فمن يعرف كيفية تغيير الوضع بشكل صحيح لا ينبغي أن يخشى من التعرض للمخاطر.